لقاء مع تجربة (الأديب الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف)

 

 

 

 

  

 






لقاء مع تجربة

تعلمت كبيراً واشتغلت بثلاثين ريالاً في الشهر

14 شعبان 1403هـ  صحيفة المسائية

كتب محمد الهديان


ضيفنا اليوم .. رجل عصامي.. فاته قطار التعليم لكنه اصر على اللحاق به ...حتى جمع ما استطاع به ان يسافر الى مكة المكرمة ثم الى الطائف ليلتحق بدار التوحيـد ... يومها لم تكن دراسة نظامية الا في هذه الدار وقد جاء هذا الاصرار لأن ضيفنا
من بيت علم ودين فوالده فضيلة المغفور له الشيخ عبدالرحمن بن خريف .. رجل علم معروف في حريملاء التي كانت معقلا لطلاب العلم من مختلف انحاء المملكة ، كما عرف فضيلته - يرحمه الله ، بالورع والزهد والتواضع ،وقد حاول المستحيل حتى اعفي من القضاء وتفرغ لطلاب العلم وابنه - عبد العزيز ، ضيفنا اليوم ، ورث عن والده صفة التواضع حتى انه لم يذكر والده في حديثه هذا خشية
ان يقال بانه استغل المقابلة لامتداح والده , وهو غني عن ذلك ، على اي حال.

س ۱ : الاسم الكامل ومحل الميلاد ؟
وكانت هذه البلدة في السابق.
عبـد العـزيـز بن عبدالرحمن الخريف... من مواليد عام 1351هـ ببلدة حريملاء
قاعدة الشعيب والمحمـل (آنذاك ) . والتي تقع في الجزء الشمالي الغربي من مـدينـة الرياض حيث تبعد خمسـة وثمـانـين كيلومتـرا هـؤلاء يتلقـون التشجـيـع
( 85 ) تلك البلدة التي حباها الله جمـل الطبيعة ونخيلها الفلاحة البـاسـقـات وغـابـات واديهـا الفسيح ( الشـعيـب ) الذي اضـحـى الآن مـن اجـمـل ( المنتزهـات لسـكـان مـدينـة الرياض وغيرها من البلدان المجاورة حيث يقضي اجـازات الاعـيـاد والعـطل الاسبوعية بها .. هناك تغني الطيـور فتصفو الحياة ويرنو في جو عليل يسوده الهدوء والراحـة النـفـسـيـة لهـم ولعوائلهم لما يشاهدونـه من
اشجار دائمة الخضرة وجبال ترید اصداء شدو حمائمها تجاوب ورفا قد اصفن لصوتها فـكـل لكـل مـن مسعد ومجيب وكانت هذه البلدة في السابق معقلا لطلاب العلم يتوافدون عليها من اماكن بعيدة كالقصيم والمجمعة والزلفي بل ومن بلاد فارس..!! يتدارسون العلم ويتلقونه على عدة علمائها الاجلاء المقيمين بها وعلى رأسهم فضيلة الشيخ محمد بنا ناصر بن مبارك وكان هؤلاء يتلقون التشجيع والعون من الأهالي وأصحاب الفلاحة على وجه الخصوص.. في موسم الثمار وجذ النخيل تجدهم يتقاطرون ليـلا عـلى حجرة معدة داخل المسجد لجباية التمر تسمى ( الجصة ) فيضعون بها كميات كبيرة من التمور يستعين بها طلبة العلم طيلة العام .

ولا تزال هذه الجصة موجودة حتى الآن. بل لا تزال هناك نخيل موقوفة على طلبة العلم فكم خرجت هذه البلدة من عالم جليل. فهي آنذاك بمنزلة الجامعة. كما أن حريملاء في عصرنا الحاضر قد حباها الله بمجموعة من ابنائها البررة قل أن تحظى بمثلهم بلدان أخرى.

فمنهم من حظى بتامين مياه الشرب للبلدة منـذ اكثـر من اثنتين وعشرين سنة على نفقته الخاصة وبناء صرح شامخ يـهتـم بتـحـفـيـظ كـتـاب الله مـدرسـة تحفيظ القـرآن الكريم) وصرف مكافاة سخية ورواتب شهـريـة لأكثر من ثلاثمائة طالب ومـدرس تشجيعا وترغيبا لهم على حفظ وتحفيظ كلام الله ومنهم من قام ببناء المساجد وامن المساكن للمحتـاجـين والارامل والبعض يوزع معظم انتـاجـه الزراعي كـالتمـور وغيرها سنويا بجانب حسناته مشاريعه الخيرة ومنهم من تبرع بالميـاه لسقـايـة بعض النخيل وقت الجفاف مع ما تقوم به هذه النخبة من جهد ومطالبة شدا لعضد الاهـالي لدى المسؤولين لتحقيق وإيجاد المشاريع الحيوية والإنمائية بالبلدة حتى اصبحت تلك البلدة تضـاهـي مثيلاتها وارتـبـطت بعجلة التـقـدم والنماء الذي تعيشه بلادنا الغالية.

... س ۲ ) تـحـدث لنـا عـن طفـولـتـك وإيـن قضيتها وتعليمك ؟
قضيت مستهل حياتي بين احضان والدي وبين اخـوتي واقراني اقضي سحابة يومي مع لداتـي في اللعـب واللهـو واحيانا نصنع العابا نقلد، بها من حولنا كعمـل هيكل لجمـل ونضع عليه بعض الأحمال واحيـانـا نـخـطط في التراب ونحفر حفرا محاكاة للفلاحين وهكذا.

وعند بلوغي سن السادسة من عمري الحقني والدي رحمه الله بأحدي مـدارس تحفيظ القران الكريم لدى الشيـخ الفاضل احمد بن علي الشدي وكـانت تلك بـدايـة حيـاتي التعليميـة فـاخـذ يتعهدني بالتلقين والتمرين على قراءة بعض الحروف الهجـائية تدريجيا حتى لحقت بـزملائي مسايرا لهم ،، جزاه الله عني وعـن مئات الشـبـاب خـير الجزاء وسرت على هذا النهج بضع سنوات متنقلا بين الكتاتيب.
حتى اكملت كتاب الله وكنت انتهز فرصة شهر رمضان لأقراء القران كله مرتلا ومجودا على والدي رحمه الله رحمة واسعة.

وفي عام 1367 هـ تقريبا انـتـقـلت الى الريـاض لطلب لمعيشة فاشتغلت ( ملحـقا ) لتــعـليـف المـواشي وجـنـى
الثمار ... الخ ببستان الأمير فيصل بن تركي رحمـه الله بالسويدي والذي لم يبق منه مقر البئر وقليل من النخل براتب قدره ثلاثـون شهرياً وفي منتصف عام 1368 هـ تركت هذا العمل غير اسف عليـه متجهـا الى حلق الذكر بمسجد الشيخ محمد بن إبراهم رحمه الله ( بدخنه )وكانت تعد لطلبة العلم مساكن متواضعة كالرباط الذي يشتمل على عدة غرف ومجموعة أخرى من البيوت فكل ثلاثة او أربعة من الطلبة يسكنون في حجـرة
ولكن حظي في بادىء الامر كان سينا للغاية فلم اجد سكنا سوی بـیـت درج ضيق في المسجد الجامع الكبير مع احد الاخـوان وهـو الاخ عبد الله بن سلمان الحميدي ولا يوجد لديـه من الغذاء سـوى تنكا تمـر . .. فعشنا عيشة بسيطة وتقشف فبدأت تعلمي على الشيخ عبداللطيف بن إبراهيم رحمه الله افي العربية وكان يجلس لنا بعد صلاة الفجر في الركن الغربي الجنوبي من مسجد الشيخ محمد ونسمع له في متن الاجرومية ثم يعطينا امثلة نعربها وكانت هذه الحلقة تضم مجموعة كبيرة من طلبة العمل على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم وبعد طلوع الشمس نتجه إلى حلق الذكر لدي الشيخ محمد بن إبراهيم في ناحية المسجد الشرقية او في بيتـه للقراءة في مجموعة من المتـون وشروحهـا مثل كتـاب التوحيد ، والعقيـدة ، كشف الشـبهـات والبعض يـقـرأ المطولات، وبعد صلاة المغرب يجلس لتعليم الفرائض لفئة منهم كما انني حضرت جلسات
للشيخ ابراهيم سليمان الراشد رحمه الله بالمسجـد الجـامـع الكبير في تدريس العربية حيث اتـمـنـا عليـه قـراءة مـتن الاجرومية حفظا واعرابا شمل جميع ابواب النحو وكان لهذا اثر في تنوير اذهاننـا والمامنـا بمبادىء الاعراب . وفي موسم الحج عام 1370 هـ اتجهت الى مكة المكـرمـة للحج والدراسة بالحرم تهيئا للامتحـان بـدار الـتـوحـيـد الثانوية بالطائف حيث انه لا يـوجـد بـالـريـاض مـدارس متوسطة او معاهد .. وتقدمت بطلب الى فضيلة مدير المعارف الشيخ محمد عبد العزيز المانع رحمـه الله مبدئا رغبتي في الامتحـان بـدار التـوحـيـد بالطائف فما كـان منـه الا ان احـالني الى الاستـاذ صـالح الخـزامـي لإجراء المقـابـلة واختبار القبول فأعطاني هـذا المثال لأعرابه (المسيئون ان يقتلوا اخاك يعاقبوا) ومع ما في هذا من تحد طلبت منه ان اعربه شفويا لعدم قدرتي على الكتابة والالمـام بالأساليب الاملائية ولكنـه اصر على ان اجيب تحريريا فلم ار بدا من الاذعـان والاجـابـة خـطيـا ووعـدني بمراجعة الشيخ في اليوم التالي . وكان هذا المثـال بمثـابـة الجسر للعبـور الى الدراسة النظامية . وفي الصباح الباكر اتجهت نحو فضيلة الشيخ محمد عبدالعزيز وما ان رأني حتى نهض من مكـانه مـرحـبـا ومهنئا لي بـالنجـاح وقد اعجب بهذا المستـوي .. وكـدت اطير من الفرح ثم احالني على مـديـر دار التوحيد الشيخ عبد المالك طرابلسي لاعتماد قبولي بالصف الأول فسرت على بركة الله ميمما لطائف فكـانت بـدايـة حيـاة جديدة بالنسبة لي ... بل ان هذه الفترة هي ربيع شبابي . وسـكـنـا بـالـقـسـم الداخـلي ( بقروي ) المعد لسكن الطلاب وكل منا غريب عن اهله ومسقط راسـه الا ان اجتماعنا تحت مظلة واحـدة خفف من وطأة البعد ووحشة الغربة وكـان هذا الاجتماع سعيا في توطيد العلاقة والالفة بيننا كما ان جو الدراسة بالطائف جو طلاقيه ومـرح يتخلله الكثـير مـن الندوات الأدبية والرحلات المتعددة والفكاهات النادرة .. ولسان حال كل طالب يردد قول الشاعر:

بلد صحبت به الشبيبة والصبا … ولبست ثوب العمر وهو جديد

او قال الآخر :

بنفسي تلك الارض مـا اطيب الصبا ... ومـا احسن المصطاف والمتربعـا

ونزولا عـلى رغبـة والدي انتقلت الى السنة الثالثة بمعهد الرياض العلمي عام 1373 هـ ونلت الشهادة الثانوية عـام ١٣٧٤هـ . وواصلت الدراسـة بكلية اللغة العربية حتى حصلت على الشـهـادة العـاليـة عـام ١٣٧٨هـ . تعتبر تلك السنة هي ثـاني فـوج يتخـرج من الكلية.

س ۳: تحدث لنا عن القرى المدن التي عشت فيها حسب مقتضيات ظروفك ؟

بعـدمـا غـادرت حـريمـلاء مسقط راسي لطلب المعيشـة والعلم المت أربع سنوات على وجه التقريب بمدينة الرياض منهـا سنـتـان في طلب العلم وكانت الرياض في ذلك الوقت محدودة السكان ساكنة الحركة جميع مبانيها من الطين واللبن معدومة الاضاءة ليلا ضيقة الطرقات واذكر انه لا يوجد بها جوامع داخل اسوارها القديمة سوی مسجد واحد هو الجامع الكبير حاليا ، وفي اوائل عـام ١٣٧١هـ سـافرت الى مدينة الطائف للدراسة بدار التوحيد الثانوية فانتقلت من جو الى جو غير من مجرى حياتي فأخـذت افكر في الحياة بنوع من الجد ووجدت الدراسة هنـاك تسير على نظام ومناهج مدروسة ومواد منوعـة تشوق وتجــدد نشاط الطالب كما ان التنافس في التحصـيـل والاكثـر مـن مطالعة الكتب وشتى الصحف والمجلات عامل رئيسي في تربية الملكة والحفظ والتعبير عما يخالج النفس وبقيت بالطائف حتى حصلت على شهادة السنة الثـانـيـة عـام ١٣٧٢ هـ ثم غادرتها الى الرياض وكل الم وحـرفـة مـودعـا اغلى رفـاق عمري .. متمثلا قول الشاعر محمد بن سليمان الشبل:

يوم الوداع وهل ابليت في خلدي... الأسى في حنـايـا القلب يستقر

وقد ضمنت بعض رسائلي التي بعثت بها إلى أحد الزملاء بعدما طال حنيني إلى تلك المرابع هذين البيتين اللذين لم أعرف قائلهما:

تحية من ربي نجد إلى بلد... قضيت فيه من الأيام احلاها

وأن نسيت فلن أنسى مرابعها... وسدرة كنت في المثناة ارقاها

وبعد عودتي الى الرياض عام ١٩٧٣هـ وجدت الحيـاة بدأت تدب فيهـا تـدريجيا المدارس اخذت تتصاعد شيئا فشيئا، والنهضة العمرانية بدأت تسير من حسن الى احسن وكذلك المرافق الصحية .. وما هي الا سنـوات قلائـل حتى اخذت تقفز قفزات هائلة تفوق الخيـل في جميع المجالات الحيوية والحضارية بـل ان هذه المظاهر في عصرنا الحاضر شملت جميع مدن وقرى المملكة المترامية الاطراف وهذا بفضل الله وتوفيقه ان من على هذه البلاد بالأمن والرخاء في ظل حكومتنا الرشيدة ورجالها المخلصين

س4: وظيفتك الحالية وما هي الهوايات التي تشغل بها الحالية؟

وظيفتي الحـاليـة مـديـر متوسطة وثـانويـة حريملاء ومشرف على المكتبة العامة بها الهواية قراءة الكتب والطرائف الأدبية واميل بصفة خاصة الى ما قوي وعـذب من الشعر القديم المقروء منه والمسموع ويـعـجبنـي البـرنـامـجـان المفضلان: الاول من القائل من عداد الشيخ الاديب/ عبدالله بن خميس من اذاعـة الرياض والثاني قول على قول للسيد حسن سعيد الكرمي من اذاعة لندن كما ان للأسفار والرحـلات دورا في حياتي ولله در الشاعر حيث قال:

سح في البلاد ان اردت تعلما... ان السياحة في البلاد تفيد.

س 5: الاعمال التي تدرجت فيها حتى اليوم وذكرياتـك مع كل عمل والنجاح الذي حققته من خلال ذلك؟

تعينت مديرا لمعهد المعلمين بحريملاء عام ١٣٧٩هـ ومشرفا على الابتدائية والمكتبة العامة وكنت أول جامعي عمل في هذه البلدة ثم تحول المعهد إلى متوسط في عام 1385هـ وأما عن ذكرياتي فهي ذكريات جميلة تتزاحم في مخيلتي فقد ودعت عشرات الافواج من الزملاء وابنائي الطلبة عبر ٢٥ عاما منهم من واراه التراب واختفى عن الوجود ومنهم حي نازح امـا النـجـاح ان صح التعبير ـ فهـو ان المعـهـد والمدرسة قد خرجا افواجا من الشباب الصالحين يعملون في شتى الميادين القيادية لخدمة وطنهم وهـذا ممـا نعـتـز بـه ونرجو ان يستمر هذا الموكب موكب البناء وخدمة المجتمع والامـة وان يمنحنا الله حسن المختتم.

س 6: هل انت راض عن عملك تمام الرضاء. وما وجه الاعتراضات او التـوجيهات التـي تـحـب ان تـقـدمـهـا للمسئولين؟

الرضاء شيء .. ولكن : على المرء ان يسعى الى الخير جهده وليس عليه ان تتم المطالب نحن نتلقى ونتـقبـل التـوجيهات من المسئولين وغيرهم .. ونرجو ان يوفق الله الجميع لما فيه الخير.

س ۷: ما هي أمالك وامانيك في الحياة؟

آمالي ان يـمـتـعـنـي الله بالصحة ويرزقني الاستقامة عـلى طريق الخير وان يصلح الله ذريتي وعقبي وان يعيـد الغائب منهم سـالمـا مسلحا بسـلاح العلم والمعـرفـة كي يساهم في خدمة وطنه اما اماني في الحياة ان يعز الله الإسلام والمسلمين وان يـؤلف بينهم ليصبحوا حصنا منيعا أمام عدوهم وان يطهروا البقاع المقدسة من المعتدين كي ينعم المسلمـون بثالث الحـرمـين الشريفين أولى القبلتين انـه سميع مجيب.

س ۸ ـ هـل سـافـرت الى الخارج؟ وما هي الفوائد التي عدت بها من الخارج، وماذا شعـرت وانت بعيد عن اهلك واصدقائك ومملكتك الحبيبة؟

سافرت عام ١٣٨٣هـ الى العراق في اجازة عيد الفطر المبـارك لمدة عشرة ايام عن طريق البـر مـارا بـالـكـويت فالبصرة حتى وصلنا بغداد وكنـا ثـلاثـة حيث كان معي الاخوان الكريمان حمد السلوم وعبد الصمد العبدان.

بغـداد زين لأهـل المـال طبـبـا... وللمفاليس دار الضنك والضيق.

وأقمنا ببغداد خمسة أيام تجولنا خلالها ببغداد والمدن والقرى المجاورة لها مثل الحلة وبـابـل والكـوفـة ـ النجف –كربلاء.. الخ. والحقيقة ان مـظـاهـر الحضارة والتقدم اثار اعجابنا في ذلك الوقـت كمـا ان حـسـن المعاملة اهل تلك البلدان ولا سيما رجال الجيش والجنود في نقاط التفتيش ترك في نفوسنا اثرا طيبا وانطباعـا حميـدا وحينمـا نمـر بنقطة تفتيش نسمع العبارة اللطيفة (بطل الجنطه يا عيني) والعين اغلي ما يحافظ عليه. وعندما قاربت الاجازة على الانتهاء امتطينا (ابنة الجو) وماهي إلا لحظات حتى هبطنا في مطار الظهران الدولي فحمدنا الله على سلامة الوصول والرجوع إلى بلدنا الحبيب. اما الفوائد التي عدت بها مـن هـذه الرحلة فهي رغـم قصـرهـا كـانت مردودهـا عـلى النفس جميـلا جـدا وفرصة سانحة لمشاهدة البصـرتـين معقل ارباب الفصاحة وبغداد دار الحكمة ومهد الحضارة وستظل ذكريات هذه الرحلة شمعة مضيئة في طوايا النفس لأنها أول رحلة قمت بها لخارج وطني اما شعوري وانا بعيد

عن الأهلي والوطن فهو شعور من باعدت بينه وبين مغـانيه المفاوز والقفار، ولا يدري ما الله صانع فيه متذكراً قول أمير الشعراء أحمد شوقي:

وكل مسافر سعود يوماً...إذا رزق السلامة والابابا.

س ۹: مـا هـي المـواقف المحرجة التي تعرضت لها من خلال حياتك العلمية وبمـاذا خرجت منها؟

الاحراجات كثيرة والمفاجئات كثيرة لمن يعمـل في الحيـاة ولكنها في نفس الوقت دروس مفيدة لأخذ الحيطة والنظر في ابعاد الامور وآثارها مستقبلا وعدم التورط واقحام النفس في مجالات التسرع واللامبالاة اتكالا على الحظ والمصادفات

ومن أغفل الحزم أدمي كنـه ندما) ومن أحرج المواقف التي مرت بحياتي العملية موقف في احـدى لجـان الاخـتـبـارات بالرياض في الأعوام السابقة التي كنت اراسهـا لا اذكـره خشية ان اطالب بـه بـاثـر رجعي وقـد تغلبنـا عليـه بأعجوبة وتوفيق من الله.

س ۱۰: خـبـرتـك مـع الدراسة، مع الحياة بمواقفها المحرجة والطريقة مع الزواج وطريقة تربيتك مع الابناء؟

الحيـاة الدراسيـة بجميع مراحلها حياة تأسيس وبنـاء لمستقبـل الزمـان ومـواجهـة احـداث ما يستجد فيه واصطفاء الاصدقاء والزملاء لان الانسان الاجتماعي بالطبع ضمن عـلامـة صـلاح المـرء اختياره رفاق العمر الصالحين وقد قيل قديما:

عن المرء لا تسل وسل عن قرينة... فكل قرين بالمقارن يقتدي

وانا احمد الله تعالى ان لدي الأوفياء يفوق كل تصور وقـد ساعد على ذلك دراستي الأولى بدار التوحيد بالطائف فحياتي الدراسية حياة المخضرمين اما المواقف مع الحياة وما فيها من احراج فليس بالحياة الدراسية احـراج لأنها طفرة الشبـاب وعزمه يتخطى الصعاب غير مبل بأعقاب الأمور.

اما طريقتي مع الزواج فهي وليدة الساعـة كنت اسكن مع اثنين من الزملاء في بيت وكان هـذا البيت (بيت العـزاب) مفتـوحـا عـلى مصراعيـه ليـلا نهارا يأوي اليه الشباب من كل جهة فرأيت في ذلك مشغلة ومضيعة للوقت فلم ار بدا من الهروب لعش الزواج في منتصف عام ١٣٧٥هـ لان الزواج في ذلك الوقـت سـهـل التكاليف مبسور على من يريده ومـؤهـل الزوج اعـتـداله واستقامته في دينه لا ما يدفعه من نقود وكـان ذلك عـونـا لي عـلى مواصلة دراستي والاستقرار النفسي. اما طريقتي في تربية ابنائي فانا اعتبر الكبير منهم بمنـزلة الصديق والصغير غـرسـة اتعهده بالنصح والتوجيه السليم محبـبـا له الخصـل الحميدة والتحلي بالأخلاق الفاضلة جامعـا بـين الشدة واللين.

س ۱۱: تجـريتك مـع الوظيفة؟

الحيـاة كلهـا مـدرسـة وتجربتي مع الوظيفة خلال ٢٥ سنة مضت اكسبتني خبـرة وتجاوبا مع من اتعامل معهم فكان تعاملي مع زملائي ومن له علاقة بعملي مبنيا على الاحترام وتقدير المشاعر ملتمسا لمن يصدر منه بعض التقصير أو الاهماـل غير المقصـود عـذرا مرددا قول الشاعر:

تان ولا تعجل بلومك صاحبا... لعل له عذرا وانت تلوم

 

 



 

تعليقات