أهازيج الجماهير زمان


 أشهر الأهازيج الجماهيرية 








الجمهور «مسنتر» في الملعب من بعد الظهر.. والأهازيج مستفزة
مباريات أيام زمان..تعصّب و«تريقه»!
يظل التاريخ الرياضي في المملكة لاسيما في كرة القدم والألعاب الكروية غائباً عن أنظار كثير من الدارسين والمحققين في الجامعات السعودية، ورغم حداثة العهد وقرب الزمان وتوفر المصادر ظلت جهود المهتمين بالشأن الرياضي محصورة على المنافسات المرحلية والمسابقات الحالية، دونما النظر إلى البدايات وما صاحبها من مشقات ومتاعب لا يدركها إلاّ من عاصرها وتعايش مع ظروفها في الزمان والمكان.
ورغم الزخم الإعلامي الكبير للأنشطة الرياضية في عالم الصحافة والتلفزة ومع تزايد حجم المتابعين لمعشوقة الملايين، يظل تدوين وتوثيق البدايات مفتقداً لدعم القائمين على الإعلام الرياضي، رغم ما بذله ويبذله بعض الإعلاميين والأكاديميين من توثيق لهذه المرحلة مع صعوبة الحصول على المعلومة وفقدانهم لمراكز المعلومات وقواعد البيانات إلاّ أنهم عوضوا ذلك بتدوين ما أمكن لهم تدوينه عبر ما يسميه المؤرخون " التاريخ الشفهي" أو "الرواية الشفهية"؛ عن طريق اللقاءات المباشرة برواد الحركة الرياضية في بلادنا من رؤساء أندية ومشرفين وحكام ولعيبة ساهموا - مع مستضيفيهم من الإعلاميين - بتوثيق وتدوين معلومات ربما تظل عزيزة المنال لاسيما عند الأجيال القادمة .
جماهير زمان
جماهير «أبو بسه» و»أبو حمامة» و»السليق» و»الفول» تصل إلى الملعب حافية أو مع «دباب السبعين» أو صندوق «أبو غمارة»
كانت الجماهير تزحف إلى "ملعب الصايغ" -جنوب حي الملز- بعد خروجهم من مدارسهم وأعمالهم مند الساعة الثانية ظهراً، حيث كانت المباريات تقام عصراً، فالوقت بعد صلاة العشاء كان للنوم ولا شيء غيره، ما عدا يوم الأحد حين كان البعض يظل ساهراً حتى الساعة الحادية عشرة موعد المشاهدين مع الإعلامي المتألق "منير شما" في برنامج "المصارعة الحرة"، قبل أن يستلم زمامها المذيع الشهير "إبراهيم الراشد" -رحمه الله- عام 1395ه، كانت مباريات "العصر" ممتعة في أيام الشتاء قاسية على اللاعبين والحضور أيام الصيف، وكانت معظم الجماهير تحضر إلى "ملعب الصايغ" ومن بعده الملز "راجلة"، ليس لها من مركب غير "نعليها"، ومع تقدم الزمن ظهر حضور"السيكل" و"دباب السبعين"، إلى أن اتسعت "برحة الملز" لأكثر من ألف سيارة، كانت بعضها من نوع "عراوي أبو غماره"، تحمل أكثر من (10) ركاب يظلون يهتفون لفريقهم طوال الطريق: "ألا يا طير الأخضر وين ملقاك الليلة" وفي حال جمع "صندوق الموتر" مجموعة من أبناء الحارة ممن ينقسمون بميلوهم لهذا الفريق أوذاك، فلا عزاء لصاحب السيارة، بل ولا عجب إن مر ركاب صاحب "العراوي" بمرحلة كتلك التي يعلق عليها "إبراهيم الراشد" في المصارعة الحرة.
قدور البليلة
كانت "توانك" المياه وقدور "البليلة" وأكوام "الفصفص" و"الترمس" و"علب الكوكا" و"كندا دراي" و"ايسكريم أبو باغة" مترامية بين الباعة على قارعة سور الملعب، وأمام شباك التذاكر تصطف الجماهير ب"طوابير" طويلة تسمع من خلالها تحليلاً دقيقاً لأوضاع الفريقين المتنافسين، كما ستعرف تشكيلة اللعب لكل فريق، بل وتقف على آخر تصريحات مسؤولي الفريقين وتوقعات خطة المدرب وأنت بين هذا وذاك تستنشق عبير "قدور البليلة" بين الخل والكمون، وتشنف أذنيك بأهازيج حملة الأعلام الزرقاء وهم يرددون "بطولة بطولة والهلال من يطوله" وأخرى صفراء تبادلها الرد "العبوا يا عيال الديرة والنصر بطل الجزيرة"، وفي ساعات انتظارك أمام شباك التذاكر سوف تقابلك طلبات أولئك الذين يئسوا من طول الطابور وطلبوا منك أن تختصر لهم الأمر، بيد أن تعب الطريق وطابور التذاكر سيتلاشى مع أول هجمة ل"محمد سعد العبدلي" أو "مبارك عبدالكريم"، فالأهداف الجميلة تبقى في ذاكرة أولئك المشجعين ولا أدل عليها إلاّ هدف المحترف الهلالي البرازيلي "ريفيلينو" في مرمى "متروك التركي" -رحمه الله- عام (1399هـ) المسمى هدف "المدرعات" أو "الثمنيات" وهدف السهم الملتهب "ماجد عبدالله" الشهير في نهائي عام 1407هـ، كانت بعض السيارات الفارهة تشق عباب الجماهير المكتظة عند بوابات التذاكر لتدخل مع البوابات الواسعة، كما كان يفعل مسؤولو الملعب وبعض مندوبي الصحف، ممن يملكون تصاريح رسمية بالدخول، ناهيك عن الموكب الإداري والشرفي المرافق لحافلة الفريقين المتنافسين، هذه الحافلة التي ستخرج بعد أكثر من ساعتين من نفس البوابة وكأنما تزفها الجن من فرحة مشجعيها في حال فوز فريقهم، أما في حالة الخسارة فإن "الباص" يخرج كأنما على رأس مشجعيه الطير سكوت وهدوء، بل إن ملامح البعض تنبئ عن نتيجة المباراة.
عيارات وألقاب
وقت إبرام العقود مع اللاعبين في «الضحوية» أو «قهوة المغرب» مقابل «سيكل 28» أو «جوز أحذية»!
كانت دواوين رؤساء الأندية ومجالسهم -على ضيق الحال في تلك الأيام- محط تجمع كافة أبناء النادي، وكان مجلس الشيخ "محمد الصايغ" و"عبدالرحمن الشميسي" و"عبدالرحمن بن سعيد" وأبناء "الجبعاء"، وقبلها في المنطقة الغربية أسماء كان لها السبق في الريادة الرياضية ك"عبدالرحمن الصبان" و"حمزة فتيحي" و"عبدالله عريف" وأسماء أخرى يحفظ لها التاريخ الرياضي المحلى قدمت سبقها في دعم الحركة الرياضية في بلادنا، كان لها دور في إذكاء روح المنافسة في المسابقات المحلية في كأس الملك ودوري المناطق ومن بعده الدوري العام، كما كان لها دور في نشر ثقافة الكرة والمسابقات الرياضية، لاسيما في كرة القدم مع تنافس نزيه في استقطاب المواهب الشابة من أحياء وحواري المدن، لتظل مجالس هؤلاء الرؤساء والمشرفين تخبئ لجماهير أنديتها سبق حصولها على توقيع اللاعب الفلاني بعيداً عين الرقيب المنافس، ولا عجب إن حيكت الصفقات في "ساعة الضحوية"، أو قهوة ما بعد صلاة المغرب، بقيمة "جوز" من الأحذية أو وسيلة مواصلات متمثلة في "سيكل 28" أو "دباب 70"، في حال كانت الصفقة من العيار الثقيل، ليدخل معها اللاعب الجديد معسكر الفريق الذي يبدأ برحلة "مكشات" لطريق خريص أو خط الدرعية أو رحلة بحرية إن كان التوقيع في جدة أو الدمام، وذلك تعبيراً عن فرحة الفريق بضيفه الجديد.
ملاعب ترابية
كانت الملاعب الأهلية تستضيف بعض الفرق والمنتخبات العربية لتدعيم خزينة إدارة الملعب وتغطية مصاريف صيانته وخدماته، وكان "ملعب الصبان" بجدة الذي تكفل ببنائه الشيخ "عبدالرحمن الصبان" أول ملعب أهلي في المملكة، تلاه ملعب "محمد الصايغ" في الرياض.
وتدلل بعض القصائدعلى قدم ممارسة كرة القدم في المنطقة الشرقية بوصول شركة أرامكو التي قال فيها الشاعر محمد الحداري وقيل بدر الحويفي:
يا عبيد من ينشدك عنّا
سكان في رأس تنوره
من فوق سفنٍ يشلنا
عمال والنفس مخطوره
شط البحر قبلة منا
بديار من يلعب الكوره
قل للبني لا تباطنا
يمضي الحول ونزوره
قله ترانا تمدنا
كلن يولع بدافوره
قلبي على شوفكم حنا
وحالي من البعد منسوره
ويحكي أبناء ذلك الجيل كيف كانت هذه الملاعب الترابية شاهدةً على فنونهم الكروية التي لم يشتكوا خلالها من الإصابات الغضروفية أو الرباط الصليبي كما يشكيه أبناء هذا الزمان، وتظل تذاكر هذه الملاعب بسعر ريالين أو ثلاثة، تشهد إقبالاً منقطع النظير منذ ساعات الظهيرة سيما يوم أن حل المنتخب البرازيلي بنجمه العالمي "بيليه" لملاقاة المنتخب السعودي في مباراة مازال الجمهور يستعيد ذكرياتها.
لحظات ماتعة
مسكين الأحمر يضرب أخماس باسداس يومن الأخضر لاح له بالنجومي
كانت مدرجات الملاعب في تلك الفترة تزخر بالمواهب كما في المستطيل الأخضر، وإن قدر لك حضور إحدى المباريات الجماهيرية فستعيش لحظات ماتعة، لاسيما في موقع تماس جماهير الفريقين المتنافسين إذ ستفاجأ بمباراة ساخنة بين الجماهير قبل موعد المباراة تتخللها طرائف ونوادر ومقالب وشيئاً من "العيارات" والمناكفات، ولكل جمهور "قائد فرقة" يعرف تاريخ الفريقين ويتصف بقوة الصوت، وسرعة البديهة واستحضار المعلومة، وهو بينهم زعيم مطاع إن وقف، وقف الجمهور معه ،وإن هتف رددوا خلفه، وإن شدا اصغوا لشدوه، وما أن تبدأ المباراة إلاّ وتسمع لكلا المعسكرين أهازيج لا ينساها أبناء ذلك الجيل أبداً، ك "لاعبنا شق الشبك صفقوا له يا جمهور" و"هذي الكورة هذي الكورة هذا السعودي الأخضر لا تلعب وياه"، وإن سقط لاعب الفريق الخصم صاح المدرج "دلوعة دلوعة"، وإن خرج أحد اللعيبة والجمهور عنه راضٍ فسيرددون "أديت الواجب يا بطل"، وإن وصلت الكره للاعب سبق وأن وجلت الكرة بين قدميه فسيصيح هذا الجمهور الذي لا يرحم "أبو كباري لا يباري"، كانت هذه الأهازيج المرتجلة والمباشرة تجد من يقيّم لها اللحن والأداء لتنتشر بين كافة الجماهير وفي مختلف الملاعب، لاسيما تلك الأهزوجة التي تلجأ لها الجماهير في حال ساءها أداء اللعيبة داخل الملعب لتردد "العبوا وإلاّ سرينا غابت القمر علينا"، ولكنها يا سرعان ما تتفاءل مع هدف أو اثنين لتسمع حينها "والثالث الله يجيبه" أو "على دلعونه على دلعونه والنجم الأخضر لا تحدونه" كانت هذه الأهازيج قديمة بقدم التاريخ الكروي في المملكة.
شعراء وقصائد
«البليلة» و«الفصفص» و«علب الكوكا» و«آيسكريم أبو باغة» قبل المباراة..و«المضاربة» في «البرحة»!
ولأن الأمر لا يقف على الأهازيج، فقد كان للشعراء دور آخر لا يقل عن دور قائد الرابطة "بوبي" أو "مشقاص"، إذ لا تنسى مدرجات ملعب الملز "ابن حماد" الذي صدحت الجماهير بقصائده ووصفتها لصالح المنتخب الذي دخل في إحدى مبارياته منعطفاً خطيراً في الكأس الآسيوية، ولكنه اجتازه بصعوبة بالغة في مباراة لا ينساها الجمهور السعودي وحينها رددت الجماهير قول "ابن حماد":
أمس الضحى كلن يخمن ومحتاس
وبعد العصر بانت جميع العلومي
مسكين الأحمر يضرب أخماس باسداس
يومن الأخضر لاح له بالنجومي
ما عاد أظنه يرفع الهرج والراس
وإن قال قولن علموه القرومي
واللي يحسب له قضب عاير الساس
قبل أمس في دلهي تراه مهزومي


حين تبدأ المباراة تردد الجماهير هذه الأهزوجة "شرلا شرلا...أول مانبدا وش نقول...شرلا شرلا...بعد الصلاة على الرسول شرلا"


وكذلك يرددون "بدينا والبادي باسم الله" وفي حال اصابة لاعب الخصم يرددون "دلوعا...دلوعا"

وفي حال غضبت الجماهير من الحكم سوف يرددون "ما فيه صفيره ياحكم"... وأحياناً "مافي عدالة ياحكم"

إذا جاء هدف يرددون "والثاني الله يجيبه" كما يرددون في نشوة الفوز "هذي الكوره هذي الكوره هذا السعودي الأخضر لا تلعب وأياه"

في حال اقترب موعد نهاية المباراة ستردد جماهير الفريق الفائز "ألا يالطير يالأخضر وين ملقاك الليلة" كانت هذه الأهزوجة تردد بحناجر رابطة المشجعين و تقال في حال ضمان نتيجة المباراة عندها لا مجال لك إلا أن تشنّف أذنيك بأهازيج "أبو وردة"



في تلك الفترة ظهر الشاب آنذاك عاطي الموركي في مدرجات نادي الوحدة فكان حديث وأهزوجة المدرجات كان يردد "عمي عبدالله يا قاري كتاب الله زوجني بنيه...بنيه على قدي تجيب لي بزوره يلعبوا كوره أحمد ونوره تسوي غدايا وتسوي عشايا"



وإذا غاب نجم الفريق عن المباراة رددت جماهير ذلك اللاعب "أحبابنا ياعيني ماهم معانا" حدث ذلك في أول نهائي بعد افتتاح المدرجات العلوية لملعب الملز بالرياض بين الأهلي والهلال عام (١٤٠٤) حين غاب صالح النعيمة بأمر من المدرب "بروشتش"



في حال سجل لاعب الفريق هدفاً من قذيفة مباشرة كانوا يرددون "لاعبنا شق الشبك صفقوا له ياجمهور"



كانت الجماهير الاتحادية تردد "والناصر الله منصورين" في حين يردد الأهلاويون "على دلعونه على دلعونه والنجم الأخضر ما تتحدونه"



أما الهلاليون فيرددون قصيدة ابن جعيثن التي قالها بمناسبة عام(١٤٠٠) ومنها " قالت أبي لي نادي يرفع الراس نادي الهلال اللي تسولف به الناس" وفي حين ظهرت حضارة ماجد عبدالله رددت الجماهير النصراوية "ألعبوا يا عيال الديرة..النصر بطل الجزيرة"



كان ذلك الجيل من الجماهير الرياضية يستعيب ولوج الكرة بين قدمي اللاعب _كما هو الآن_ وفي حال حدث ذلك سوف تصيح الجماهير "أبو كباري لا يباري" وكانوا يرددون "شنطة عدة..شنطة عدة..أرجع للخانه يالعمده" "صحن فول صحن فول ارجع للدكه يالغول"


تعليقات